عرض مشاركة واحدة
قديم 10-24-2011, 10:22 AM   رقم المشاركة : 7
ابتسامة
مراقبة عامة
مشرفة القسم الإسلامي






 

الحالة
ابتسامة غير متواجد حالياً

 
ابتسامة عضوية شعلة المنتدىابتسامة عضوية شعلة المنتدىابتسامة عضوية شعلة المنتدىابتسامة عضوية شعلة المنتدىابتسامة عضوية شعلة المنتدىابتسامة عضوية شعلة المنتدىابتسامة عضوية شعلة المنتدىابتسامة عضوية شعلة المنتدى

شكراً: 9,781
تم شكره 5,490 مرة في 2,349 مشاركة

 
Llahmuh رد: الحيض مسائله وأحكامه


1_فعل الصلاة ووجوبها :


فيمنع فعل الصلاة ووجوبها، يمنع فعل الصلاة فلا يجوز للمرأة إذا أصابها الحيض أن تصلّي، والدليل على ذلك حديث أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها في الصحيحين أنّ النّبي e قال لفاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها وأرضاها:"إنما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة"، وفي لفظ "فاتركِ الصلاة"، فقوله عليه الصلاة والسلام "فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة" يدل على أنه لا يجوز للمرأة أن تفعل الصلاة أثناء الحيض، ...


ولحديث أمّ المؤمنين عائشة في الصحيحين عنها رضي الله عنها أنّها قالت:"كنا نحيض على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة"، فدلّ هذا على أنّ المرأة لا تصلّي، وهذا محل إجماع بين العلماء رحمهم الله، أنّ المرأة الحائض لا يجوز لها أن تصلّي الصلاة سواءً كانت فريضة أو كانت نافلة، ولكن تُستثنى من ذلك صلاة واحدة وهي التي يؤمر بقضائها، ...


فهنا فعل الصلاة ووجوبها، فتسقط الصلاة فريضة كانت أو نافلة أداءً وقضاء، فلا يجب عليها الفعل أثناء الوقت، ولا يجب عليها قضاء الصلاة بعد خروج الوقت، أما الدليل على سقوط الأداء فقوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين:"إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة" هذا نهي عن فعلها في الوقت أداءً، والنهي عن فعلها بعـد الوقت قـالت عائشة رضي الله عنها كمـا في الصحيحين:"فنؤمر بقضاء الصّوم ولا نؤمر بقضاء الصّلاة"، ...


فسقطت الصلاة أداءً وقضاءً، وأما الصلاة التي تستثنى قضاءً لا أداءً هي صلاة الطّواف ركعتا الطّواف، إذا كانت المرأة في الطّواف أتمّت طوافها في العمرة مثلاً ثم حاضت قبل أن تصلّي ركعتي الطّواف فطوافها صحيح، ونأمرها بالخروج إلى الصّفا والمروة لإتمام مناسك العمرة، وتسقط عنها الصلاة في حال حيضها، فإذا طهرت من الحيض صّلت، ولذلك يقولون صلاة تقضيها الحائض، يلغزون بها يقولون: ما هي الصلاة التي تقضيها الحائض؟،..


الحائض لا تقضي الصلاة، فيقال هي صلاة ركعتي الطواف إذا أصابها الحيض بعد إتمام طوافها، وهكذا لو طافت طواف الإفاضة وأتمت الطواف ثم حاضت قبل ركعتي الطواف فإنها لا تصلّي وتنتظر حتى تطهر فتصلّي هاتين الرّكعتين.



فعل الصلاة، أي يمنع الحيض فعل الصلاة لما ذكرنا ويمنع قضاءها، والإجماع منعقد على ذلك كما حكاه الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري وكذلك الإمام ابن المنذر والإمام ابن قدامة والإمام النووي رحمة الله على الجميع، كلهم حكوا إجماع العلماء على أن المرأة لا تصلي فريضة ولا نافلة،...


وهذا الإسقاط من الشرع تخفيف من الله عز وجل وتيسير، هناك بعض السلف وهو قول الحسن البصري رحمه الله ومذهب شاذ عند أهل العلم لا يعول عليه ولا يعمل به، يقول: إن المرأة الحائض إذا حضرتها الصلاة تجلس في مصلاّها وتسبّح وتذكر، وهذا القول لا دليل عليه لا من الكتاب ولا من السنة وليس له أصل شرعي يدل على أنّ المرأة في حال الصّلاة، لأنّ الأمر بالعبادة الخاصة في الوقت الخاص على الهيئة الخاصة يحتاج إلى دليل، ...


ولذلك إذا لم يوجد دليل لا يشرع هذا الفعل، وردّه أهل العلم واستنكره طائفة من أهل العلم ولذلك لا يشرع هذا الفعل، والمرأة تسقط عنها الصّلاة كما نصّت على ذلك السّنة الصّحيحة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.


ويمنع وجوبها، هذا المانع الثاني، قيل إنّ الحائض لا تخاطب بالصّلاة، من أهل العلم من قال إنها تخاطب ويسقط عنها الفعل والقضاء، ومنهم من قال إنها لا تخاطب فلا تجب عليها الصلاة أصلاً، وهذا اختاره المصنف رحمه الله أن الحائض لا تخاطب بالصّلاة ولا تجب عليها الصلاة ولا تفعل الصلاة، وهناك قول ثاني يقول إنها مخاطبة وتعذر ويسقط عنها الفعل أداءً وقضاءً، على القول بأنها تخاطب يلغزون ويقولون: هل تجب الصلاة على أحد ولا تصحّ منه؟، تقول هي الحائض والنفساء إن قيل بتوجه الخطاب إليهما فإنه تجب عليهما ولكن لا تصح منهما، وهناك من أهل العلم من قال إنّ الحائض والنّفساء لا تجب عليهما الصلاة وهو أقوى.



2_ فعل الصّيام :


ويمنع الحيض فعل الصّيام، وهذا المانع دل عليه الحديث الصّحيح عن أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها أنها قال:"كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة"، فقولها "نؤمر بقضاء الصوم" دل على أن المرأة الحائض لا يصح صيامها، وهذا محل إجماع بين العلماء رحمهم الله أن المرأة الحائض لا تصوم، وعلى هذا فلا يصح الصوم منها ولو صامت، فلو أنها صامت وخالفت لا يصح صيامها وتلزم بالقضاء،..


فلا يصحّ الصوم فريضة ولا نافلة ولا واجباً كالنذر، ولا كفارة ولو كانت عليها كفارة صيام شهرين متتابعين فجاءها أيام الحيض فصامتها لم يصح ويجب عليها بعد انتهاء المدة أن تتم العدد من غير أيام الحيض، إذاً المرأة الحائض لا يصح منها فعل الصوم.

3_ الطواف :


ويمنع الحيض الطواف بالبيت، وهذا المنع ثبت في الصحيح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، حينما حاضت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، فإنها حاضت بسرف وذلك قبل دخوله عليه الصلاة والسلام إلى مكة في حجة الـوداع،...


وكـانت معه في فراشه عليه الصلاة والسلام فانسلت قالت:"فانسللت، فقال: ما بك أنُفستِ؟، قالت: نعم، قال: ذاك شيء كتبه الله على بنات آدم، اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت"، فنصّ عليه الصلاة والسلام على أن المرأة الحائض لا تطوف بالبيت، مع أنها كانت قد نوت العمرة وهي ملزمة بأن تبدأ بالبيت فتطوف طواف عمرتها الذي هو ركن ومع ذلك منعها منه وأمرها أن تقلب فتصبح قارنة بعد أن كانت متمتعة،...


وحولها من نسك إلى نسك آخر، مع أنها كانت ناوية لنسك التّمتّع حيث كانت ناوية للعمرة رضي الله عنها وأرضاها، وهذا يدلّ دلالة واضحة على أنّ المرأة إذا حاضت لا يصحّ منها الطواف لا فريضة ولا نافلة، وعلى هذا فلو أنها طافت للإفاضة قلنا لها يجب عليك أن تعيدي طواف الإفاضة، ...


ولو أنها طافت عن عمرة قلنا لها يجب عليك أن تعيدي طوافك للعمرة، لأنه لا يصحّ الطّواف بالبيت من المرأة الحائض، هذا نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنّته الظاهرة الواضحة، ففي الصحيحين من حديث أمّ المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها "وهي صفية رضي الله عنها – أنها حاضت يـوم النحر، فقال صلى الله عليه وسلم: عقرى حلقى أحابستنا هي"،"عقرى" أي عقرها الله،"وحلقى" أي حلقها الله ليس مراده عليه الصلاة والسلام أن يـدعو حقيقة عليها وإنما تصيبها الرحمة لأنه قال:"أيما مسلم دعوت عليه أو سببته ولم يكن كذلك فاجعلها له رحمة"، ...


هذه رحمة على أم المؤمنين، فمع هذا شدد فقال:"عقرى حلقى" يعني ستعقرنا وتمنعنا، ثم قال:"أحابستنا هي"، لأنها إذا كانت قد حاضت ولم تكن طافت للإفاضة فمعنى ذلك أنها ستتأخر، وإذا تأخّرت تأخّر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وإذا تأخّر النبي صلى الله عليه وسلم تأخّر معه الصحابة،...


فقال:"أحابستنا هي"، فانظر إلى تعبيره بالحبس عن جماعته كلهم لم يجد رخصة أن يرخّص لها حتى تطهر، حتى جاء الفرج فقيل:"ألم تكن طافت يوم النحر؟، قالوا نعم، قال: فلا إذاً"، معناه أنها لو لم تكن طافت لحبستنا، فلا رخصة أحوج من مائة ألف مع النبي صلى الله عليه وسلم سيتأخرون بتأخره عليه الصلاة والسلام،...


ومع ذلك لم ير عذرا، ودلّ على أن طواف الحائض لا يصح بحال، حكى الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله إجماع أهل العلم رحمهم الله على أنه لا يصح منها الطواف لا نافلة ولا فريضة، وكذلك حكاه غير واحد منهم الإمام النووي رحمه الله في المجموع وابن المنذر في الإشراف وغيرهم من الأئمة، فهذا هو القول الذي عليه المعوّل وعليه فتوى أئمة الإسلام رحمهم الله سلفاً وخلفا، أن الحائض لا تطوف بالبيت وليس هناك أصرح من قوله عليه الصلاة والسلام "عقرى حلقى أحابستنا هي".



وهناك من رخّص من الفقهاء فقال: تلبس حفاضة حتى لا تؤذي المسجد ثم تطوف، فنقول ليست العلة أذيّة المسجد إنما العلة عبادة وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنّها آخذة حكم الصلاة، فقال:"الطواف بالبيت صلاة"، وهذا وإن صح موقوفاً عن بن عباس وهناك من يصححه مرفوعاً فإن مثله لا يقال بالرأي، فقال:"الطواف بالبيت صلاة" فنُّزل منزلة الصلاة،...


ولذلك يستقبل فيه جهة معينة فيجعلها عن يسـاره ويتطهر له ويعتـد بأجزائه كـالركعات في أشواط الطواف بالبيت ومن هنا قالوا لا يصح الطواف إلا إذا كانت متطهّرة، يعني من الحدث الأكبر وكذلك الحدث الأصغر لان الطواف في حكم الصلاة كما ذكرنا، إذا ثبت هذا فلا بد من أن تكون المرأة متطهّرة من الحدث الأكبر، فلا يصح الطواف بالبيت من الحائض ولا من النفساء


4_ قراءة القرآن :


ويمنع قراءة القرآن، أي يمنع الحيض قراءة القرآن، والأصل في ذلك أن عائشة رضي الله عنها نبهت على امتناع الحائض عن القرآن بما ثبت في الصحيح عنها أنها قالت:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكيء في حجري فيقرأ القرآن وأنا حائض"، وهذا يدل على أن المرأة الحائض لا تقرأ القرآن،...


إذ لو كانت هي تقرأ القرآن لما كان لقولها "يضع رأسه في حجري أو يتكيء علي ورأسه في حجري فيقرأ القرآن وأنا حائض"، لم يكن له معنى لأنها هي بنفسها تقرأ القرآن، ولكن لما كانت هي ممنوعة دلت على أن الغير لا يمتنع عليه بالمرافقة والمخالطة للحائض والمقاربة.


كذلك أيضاً دل عليه حديث علي رضي الله عنه عند الترمذي وابن ماجه وأبي داود وأحمد في مسنده وفيه أنه قال:"كان النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته فيأكل معنا ثم يخرج فيأكل معنا، وكان لا يمنعه وربما قال: لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة"،...


وهذا الحديث صححه الإمام الترمذي والحافظ عبد الحق والإمام البغوي في شرح السنة, وابن حبان وغيرهم رحمة الله عليهم ومن أهل العلم من ضعف إسناده، لكن محل الشاهد فيه أنه قال:"لا يمنعه ولا يحجزه من القرآن شيء إلا الجنابة"، ويؤكد هذا الحديث الصحيح "أنه لما مر عليه رجل عليه الصلاة والسلام وكان قد بال فسلم عليه فلم يرد عليه السلام حتى ضرب بيديه الحائط، ثم قال: إني كنت على غير طهارة فكرهت أن أذكر الله"، فإذا كان هذا في رد السلام وكره أن يذكر، فهذا من باب التنبيه بالأدنى على ما هو أعلى عليه فإن كان قراءةً للقرآن فإنه أولى بالمنع من غير الطاهر.



وبناءاً على ذلك لا تقرأ الحائض القرآن، والذين قالوا بالجواز استدلوا بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في كتبه إلى قيصر وكسرى عظيم الفرس وقيصر عظيم الروم، كتب عليه الصلاة والسلام إلى قيصر عظيم الروم كما في الحديث الصحيح،"أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم… الآية"،...


قالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم كتب بهذه الآية إلى كافر متلبساً بالحدث الأكبر، ومع ذلك لم ير ذلك مانعاً من تلاوته للقرآن، فدل على جواز تلاوة الجنب والحائض والنفساء للقرآن، وهذا ضعيف لأمور:- أولاً: أن الآية كتبت على سبيل الـدعوة ويحتاج الأمر إلى إثباتها قرآناً، ولذلك قال: { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاء } ، ..




الأمر الثاني: أن هناك فرقاً بين الآية والآيتين، والثالث لأن من منع يشترط تمام الآية، وبعضهم يشترط الآيتين وبعضهم يشترط الثلاث الآيات، الأمر الثالث: قالوا إنما الممنوع إذا نواها قرآناً، ولذلك الجنب يركب على دابته ويقول : { سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } لأن هذا دعاء الركوب، دعاء السفر في السنة ودعاء الركوب في القرآن، فيشرع عند ركوب الدابة لمطلق القرآن،..


{ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ }، فهذه آية ولكنه يقولها على سبيل الذكر لا على سبيل القرآن، ومن هنا فرق بين كونها للدعوة مراداً معناها وبين كونها للتعبد وقاصداً كونها قرآناً، ولذلك المسلم لو قرأها لا على أنها قرآن وإنما بيان لحكمها وبيان ما تتضمّن، قرأ آية على سبيل الاستشهاد ولا يقصد بها قرآناً فإنه لا يأثم إذا كان جنباً، ..


وأما إذا قصدها تلاوة فهذا هو الممنوع والمحظور، وعلى كل حال فالأشبه أنه لا تقرأ المرأة الحائض القرآن، لكن إذا وجدت الضرورة لقراءتها القرآن مثلاً في حال الخوف من السّحر والأذيّة تحتاج المرأة أن تقرأ التعاويذ والآيات الواردة في الأذكار عن النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعوذ، رخّص طائفة من أئمّة السّلف رحمهم الله في ذلك، وأنه لا حرج ولا بأس على المرأة أن تقرأ ذلك، وخاصّة إذا كانت نفساء لأن المدة تطول، فخفّفوا في هذا عند وجود الحاجة والضرورة.

5_ مس المصحف :


ويمنع الحيض مسّ المصحف، ومس المصحف المراد بـه أن تحمل المرأة الحائض المصحف، أو تفتّشه أو تقلّب أوراقه فلا يجوز لها لمس المصحف ولا حمل المصحف، واستـدل على ذلك بدليل الكتاب { لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ } ، والصّحيح أنّ هذه الآية حكاية عن الملائكة، لأنّ كفّار قريش اتهّموا النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يتلقى القرآن من الشياطين، وكذّب الله دعواهم وبيّن أنه في كتاب مكنون كريم محفوظ، نزل به الرّوح الأمين على قلبه صلوات الله وسلامه عليه ليكون من المنذرين، وبيّن أنه في أم الكتاب عنده سبحانه علي حكيم،..


وبيّن أن هذا الكتاب لا يمسّه إلا المطّهّرون، فمعنى ذلك أن الوحي مصون ومحفوظ من دخول الشياطين فيه، ومن هنا بيّن في قوله : { لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ } المراد بهم الملائكة، وعلى هذا لا يكون في الآية دليل لكن قالوا إنه قد تكون خبراً بمعنى الإنشاء، ويأتي الخبر بمعنى الإنشاء كما قال علي رضي الله عنه:"يمسح المسافر ثلاثة أيام والمقيم يوماً و ليلة" هذا خبر ومعناه ليمسح يعني الإلزام والإنشاء، وعلى هذا مثل قوله: { كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ @ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ @ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ @ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ } ، لما قال الله تعالى: { فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ @ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ }


أخذ منه أهل العلم رحمهم الله أن القرآن يكرّم ولا يوضع على الأرض ولا يمتهن ولا يوطأ بالأقدام ولا يرمى كما يرمى الشيء، وإنما يكرّم { فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ @ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ } فينبغي أن ترفع فيرفع ويصان قالوا هذا خبر بمعنى الإنشاء، وكأن الله يعلمنا أدب ملائكته مع كتابه وكلامه سبحانه وتعالى، فكذلك يقول ينبغي أن تكونوا على هذا كما قال صلى الله عليه وسلم:"قرأتها على الجنّ فكانوا أحسن منكم جواباً"، فإذا حكى الحال في حال الكمالات على المكلّف دل على أنه يقصد منها الاتساء والاقتداء وهذا معنى معروف معهود في الشرع.


وأما بالنسبة لمس المصحف فمذهب الصحابة رضوان الله عليهم التشديد في مس المصحف فيما هو أخف من ذلك وهو الحدث الأصغر، فأما الدليل على إلزام الطهارة لمس المصحف فحديث عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في كتابه:"أن لا يمس القرآن إلا طاهر"، وهذا الكتاب (("أن لا يمس القرآن إلا طاهر")) أصل عند العلماء رحمهم الله في اشتراط الطهارة لمس المصحف، ..


والكتاب هذا قال الإمام الحافظ ابن عبد البر رحمه الله تلقّته الأمة بالقبول، ومّثل له شيخ الإسلام بن تيمية بالنصوص التي تلقّتها الأمة بالقبول فأغنت شهرتها عن طلب إسنادها، وكان الإمام أحمد رحمه الله لما يُسأل عن هذا الحديث يقول:"أرجو أن يكون صحيحا"ً، والعمل عليه عند أهل العلم رحمهم الله، والصحابة رضوان الله عليهم عملوا بهذا، فإن سعد بن أبي وقاص الصحابي الجليل كان معه ابنه وكـان يقرأ القرآن قال:"فتحكّكت فقال: يا بني لعلك لمست –يعني لمست ذكرك أثناء حكه-، قال: نعم، قال: قم فتوضّأ"، ...


فمنعه أن يمسّ المصحف بعد انتقاض وضوءه بلمس الذكر، وهذا يدل على أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعرفون الأمر بالوضوء لمسّ المصحف، وإذا كان هذا في الحدث الأصغر فمن باب أولى في الحدث الأكبر.


وأما قوله عليه الصلاة والسلام "أن لا يمسّ القرآن إلاّ طاهر" اعترض عليه بعض المتأخرين من الشّرّاح، بأن قوله "إلاّ طاهر" يعني مسّ مسلم، لأن عمراً بن حزم كان في نجران وكتب النبي صلى الله عليه وسلم له وهو بأرض أهل الكتاب، وهذا ضعيف لأن هؤلاء العلماء فهموا من قوله عليه الصلاة والسلام "إن المؤمن لا ينجس" أنه طاهر، وفرق بين قوله "إن المؤمن لا ينجس" وبين وصف الطهارة، "إن المؤمن لا ينجس" نفي، صفة التنجيس عن المسلم وهذا لا يستلزم أنه طاهر، ...


ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:"إني كنت على غير طهارة فنفي كون المسلم نجساً لا يستلزم أنه طاهر، لأنه قد يكون متطهّراً وقد يكون غير متطهّر، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"إني كنت على غير طهارة وقال كما في الصحيحين من حديث أمّ سلمة رضي الله عنها:"ثم تفضين الماء على جسدكِ فإذا أنتِ قد طهرتِ ومعنى ذلك أنه قبل ذلك أنتِ غير طاهر، والله يقول:{ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا }، فدلّ على أن نفي الطهارة لا يستلزم التنجيس، ولذلك هذا الجواب ضعيف والعمل على أن قوله "لا يمس القرآن إلا طاهر" على أن المراد به أن لا يمس المصحف إلا متوضئ، فإذا كان هذا في الحدث الأصغر فمن باب أولى في الحدث الأكبر.


فلا يمس إذا كان قرآناً لا تمس القرآن، ولا تقلب صفحاته والمراد بذلك القرآن الكتاب الخاص، أما كتب العلم التي يتناثر القرآن فيها ككتب الفقه تذكر فيها أدلة القرآن فيجوز حملها ومسها لأنها ليست قرآناً، ليست آخـذة حكم القرآن، ولكن لا تقرأ الآيات على سبيل القراءة إلا إذا طهرت المرأة من حيضها.

6_ اللبث في المسجد:


ويمنع الحيض اللبث في المسجد هو يمنع الدخول في المسجد ويمنع اللبث، ولكن عند بعض الفقهاء وبعض أئمة الحديث رحمهم الله أنه يجوز للمرأة الحائض المرور بالمسجد ومرور الجنب داخل المسجد، وحملوا عليه قوله تعالى : { وَلا جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ }، ، { لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ } ، قوله : { لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ }


يعني مواضع الصلاة من باب إطلاق الشيء وإرادة مكانه هذا على أحد الأوجه في تفسير الآية الكريمة، وبناءً على ذلك في قوله : { وَلا جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ }قالوا هو العبور داخل المسجد للجنب، وفيه بعض الآثار عن الصّحابة رضوان الله عليهم ولكن الآية فيها تقديم وتأخير والصحيح أنها ليست استثناء للمرور في المسجد، ..


وإن كانت للمرور في المسجد فأصح الأوجه أنها في الرجل ينام في المسجد فتصيبه الجنابة، فيخرج لأن هذا من لازم تعظيم المسجد ورفعه وتوقيره، وعلى هذا فإن المرأة لا تدخل المسجد إذا كانت حائضاً، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال لعائشة:"اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت"، فمنعاها من الدخول إلى المسجد ومن الطواف بالبيت،...


ولأن عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين قال لها النبي عليه الصلاة والسلام :"ناوليني الخُمرة، فقالت: إني حائض"، وجه الدلالة من الحديث أن عائشة ما كانت لتمتنع من فعل أمر النبي عليه الصلاة والسلام والامتثال لأمره بمناولة الخمرة إلا بعذر شرعي، فقالت:"إني حائض"، ...


فلو كانت الحائض غير ممنوعة من دخول المسجد ما كان لقوها"إني حائض" معنى، وقوله "إن حيضتكِ ليست في يدكِ" لأنه قال:"ناوليني"، فدخول الجزء ليس كدخول الكل، فهي ظنت أنها مادامت حائضا لا يجوز حتى أن تدخل يدها، ومنها استنبط العلماء من هذا الحديث عدة مسائل:- المسألة الأولى: أن الحائض لا يجوز لها دخول المسجد لأن عائشة رضي الله عنها اعتذرت عن الدخول بقولها "إني حائض"، وهذا يدل على أن المرأة الحائض في الأصل ممنوعة من دخول المسجد، ...


والنبي عليه الصلاة والسلام أقرّها على ذلك، لكن لم يقرّها على أن دخول الجزء كدخول الكل، ولذلك قـال:"إن حيضتكِ ليست في يدكِ، إن حيضتك ليست في يدكِ" بعضهم يقول: يعني لا تملكين رفعها هذا مجاز، لكن حيضتكِ ليست في يدكِ حقيقة، يعني اليد التي تناولين بها الخُمرة دخولها ليس كدخول الكل، والأصل أنه متعلق بالموضع الذي فيه الحيض، ومن هنا قال عليه الصلاة والسلام:"إن حيضتكِ ليست في يدكِ" على الحقيقة، وترجَّح مذهب من منع من دخولها والترجح في هذا ظاهر، لأن عائشة لا يمكنها أن تمتنع من امتثال أمر النبي إلا لعذر شرعي، ولما قالت:"إني حائض" فهمنا أن النبي عليه الصلاة والسلام بيّن لها أن الأصل في الحائض أن لا تدخل المسجد ولذلك استندت إلى هذا الأصل.


ولكن قولـه عليه الصلاة والسلام "إن حيضتكِ ليست في يدكِ" يدل على أن المرأة الحائض يجوز لها أن تناول الشيء في المسجد وأن تخرج الشيء من المسجد دون أن يدخل كلها، وأن دخول الجزء ليس كدخول الكل وفيه مسائل، منها لو قال والله لا أدخل بيتي فأدخل يده لم يحنث، لأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يجعل دخول اليد الجزء كدخول الكل، ومنها لو قال لها إذا دخلتِ الدار فأنتِ حائض فأدخلت يدها،...


أو قال لها إذا دخلتِ الدار فأنت علىَّ كظهر أمّي فظاهر منها فأدخلت يدها كل هذا لا يقع به الظهار ولا الطلاق ولا يحكم في هذه المسائل بما يحكم في دخول الكل، فالشاهد من هذا أن هذا الحديث أصل يدل على أن المرأة الحائض لا تدخل المسجد، وظاهر القرآن في قوله تعالى:{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ }فإن من رفعة المسجد ومما خص الله جلا وعلا بـه بيوته تشريفاً وتكريماً أن لا تدخله المرأة الحائض لعدة حكم منها: أنها إذا كان معها الحيض لا تأمن أن يصيبها النزيف فيتلوث المسجد ودمها نجس كما بيّنّا أن دم الحيض نجس وهذا بإجماع العلماء لقوله عليه الصلاة والسلام "اغسلي عنكِ الدم"، وصان الله المساجد عن هذا.

آخر تعديل همسات مسلمة يوم 11-10-2011 في 01:13 AM.

رد مع اقتباس
2 أعضاء قالوا شكراً لـ ابتسامة على المشاركة المفيدة: